-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

تهميش القضاء

تهميش القضاء

تهميش القضاء
تهميش السلطة القضائية

لنتأمل معاً نص المادة 65 من قانون الإدارة المحلية السوري رقم 107 لعام 2011 التالي :

(( 1 - لمجلس الوزراء الحق بالإيعاز بإلغاء أي قرار تتخذه المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية نيابة عنها في فترات عدم انعقادها إذا رأى أن هذا القرار لا يدخل في اختصاصـات الجهة التي أصدرته ، أو لا يتفق مع القوانين والأنظمة النافذة أو يخالف سياسة الدولة أو خطتها ، و له أن يتولى بنفسه إلغاء هذا القرار.

2- يحق للوزير ممارسة السلطات الممنوحة لمجلس الوزراء و المبينة في الفقرة السابقة فيما يتعلق بمجالس المدن في غير مراكز المحافظات، و بمجالس البلدان والقرى و الوحدات الريفية.

3- يمكن للجهات التي ألغيت قراراتها من قبل الوزير الاعتراض على قرار الإلغاء أمام مجلس الوزراء.
و تكون القرارات الصادرة عن هذا المجلس ملزمة و يشترط في الاعتراض الصادر عن أحد المجالس أن يكون بأكثرية ثلثي الحاضرين))

نجد أن هذا النص أعطى صلاحية لمجلس الوزراء أو لوزير موجود بمنصبه بطريقة التعيين ، أن يعتبر قرار اتخذه مجلس منتخب حاز ثقة الناس ، مخالف للقانون و الأنظمة ، أو يخرج عن اختصاصها أو لا يتفق مع سياسة الدولة أو خطتها ، و يقوم بإلغائه .

و المفارقة أن القانون نفسه يهدف إلى تطبيق لا مركزية السلطات و المسؤوليات و تركيزها في أيدي فئات الشعب تطبيقا لمبدأ الديمقراطية الذي يجعل الشعب مصدر كل سلطة ( المادة 2 من القانون )

فكيف يستقيم تطبيق لا مركزية السلطة و تركيزها في فئات الشعب – كما يهدف القانون - إذا منحت وزير صلاحية اعتبار أي قرار يتخذه مجلس منتخب من الشعب مخالف لسياسة الدولة و لخطتها و يلغي هذا القرار !! .
أين دور القضاء في هذه الحالة ؟؟

لم لا يعطى للقضاء دوره الطبيعي في هذه الحالة و يمارس سلطته في البت فيما إن كان هذا القرار الملغى مخالف للقانون أو لسياسة الدولة و خطتها ؟؟

لم يتم سلب القضاء سلطته و منحها لمجلس الوزراء ليبت بالاعتراض على الإلغاء ( ضمن شروط قاسية )

لينطبق عليه القول : فيك الخصام و أنت الخصم و الحكم !

لم يتم تهميش القضاء و منعه من البت في مثل هذه النزاعات التي تقع ضمن سلطته ؟؟

في الواقع إن هذه الحالة ليست فردية و خاصة في هذا القانون و حسب ، و إنما نلحظها في قوانين أخرى مختلفة حيث يتمتع أشخاص السلطة التنفيذية مثل مجلس النقد و التسليف و هيئة الأوراق المالية و هيئة الإشراف على التأمين و غيرها بسلطات تشريعية و قضائية أيضاً دون منح القضاء دوره الطبيعي و سلطته في البت بالنزاعات الناشبة بين هذه الأشخاص و الغير .

لا شك أن هذا النهج في تهميش القضاء و سلخ دوره و إعطائه لهذه الجهة أو تلك من أشخاص السلطة التنفيذية ، يعتبر من الناحية الدستورية خرقاً لمبدأ فصل السلطات ، و مؤشراً واضحاً على أن الدولة إما أن تكون فقدت الثقة بقضائها ، أو أنها ضاقت ذرعاً بخضوع السلطة التنفيذية لأحكام السلطة القضائية الآمرة و تجنح باتجاه قصر دور السلطة القضائية على الأفراد لتكون هي بمنأى عن الخضوع لها .

لذلك يقع على رجال القانون واجب التنبيه لخطورة مثل هذا الاتجاه الذي بدأت تتضح معالمه ، و العمل على تصحيح البوصلة باتجاه إصلاح السلطة القضائية ، و منحها المزيد من الاستقلال .

إن مبادئ دستورية خالدة تنادي بفصل السلطات و سيادة القانون و استقلال القضاء ليست مجرد شعارات نتغنى بها في خطبنا و كتاباتنا ، و إنما هي أهداف و مقدسات يجب النضال من أجل تكريسها .
بقلم المحامي عارف الشعَّال 
أنظر أيضاً:

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019