معاييرالإختصاص القضائي
خطة البحث
المقدمة
المبحث الاول : معايير اختصاص القضاء الاداري
المطلب الاول :المجالات العائدة للقضاء الاداري بحكم الاجتهاد
المطلب الثاني : المجالات العائدة للقضاء الاداري بحكم التشريع
المبحث الثاني : الاستثناءات الواردة على معايير الاختصاص
المطلب الاول :المجالات العائدة للقضاء العادي بحكم الاجتهاد
المطلب الثاني : المجالات العائدة للقضاء العادي بحكم التشريع
الخاتمة
المقدمة :
يترتب على الاخذ بنظام القضاء المزدوج تحديد اختصاص كل من جهتي القضاء على نحو دقيق يحد كل ما امكن من امكانية التنازع في الاختصاص بين الجهتين او صدور احكام متعارضة منهما ، ولذلك سعى الفقه والقضاء والمشرع الى وضع الضوابط الكفيلة بتحديد اختصاص كل جهة قضائية على نحو واضح ، وذلك في ضوء موقف المشرع الذي اما يلجأ الى تحديد اختصاص احدى الجهتين على سبيل الحصر وترك الولاية العامة في القضاء للجهة الاخرى ، واما تحديد اختصاص كلتا الجهتين عن طريق قاعدة عامة تعطي للقضاء الاداري الولاية العامة في المنازعات الادارية ، بينما يتولى القضاء العادي الولاية العامة في المنازعات غير الادارية وهذا هو النهج الذي اتبعه المشرع الفرنسي منذ نشاة القضاء الاداري ، ان المنازعات الادارية تنشا نتيجة اعمال ونشاطات السلطة الادارية ومن ثم عدم خضوع الاعمال التشريعية المتصلة بنشاط السلطة التشريعية ، كذا الاعمال القضائية المرتبطة بالسلطة القضائية ، لرقابة القضاء الاداري ، فليست جميع اعمال الادارة تدخل ضمن نطاق اختصاص القضاء الاداري حيث يلزم ان تدخل هذه الاعمال في نطاق المعيار الذي يعتنقه القضاء لتحديد المنازعات الادارية وتبعا لما اسلفنا ذكره نطرح الاشكالية التالية :
ما هي المعايير المحددة لنطاق اختصاص القضاء الاداري وما الاستثناءات الواردة على ذلك ؟ وما موقف القضاء الفرنسي ؟
المبحث الاول :معايير اختصاص القضاء الاداري
لقد تطور معيار اختصاص جهات القضاء الاداري عدة تطورات ، حيث ظهرت عدة افكار و نظريات كمعايير عضوية شكلية وموضوعية مادية قال بها الفقه وطبقها القضاء كمعايير لتحديد نطاق اختصاص القضاء الاداري و سنتناول اهمها
المطلب الاول : المجالات العائدة للقضاء الاداري بحكم الاجتهاد
1* المعيار العضوي : المقصود هو حتمية الاعتماد والتركيز في تحديد طبيعة النشاط الاداري وطبيعة الدعوى و المنازعة الادارية على صفة الجهة الادارية او السلطة الادارية صاحبة النشاط الاداري و طرف الدعوى او المنازعة الادارية الناجمة ، دون الاخذ بعين الاعتبار ما هية جوهر و ماديات النشاط الاداري الذي سبب النزاع القضائي ، ووفقا له تكون الدعوى ادارية اذا كان احد طرفيهاسلطة ادارية وجهة ادارية مختصة ،سواءا كان مرفقا عاما او مؤسسة عامة ادارية او شخص معنوي عام اداري ، وبالتالي تدخل هذه الدعوى او المنازعة الادارية ضمن اختصاص القضاء الاداري ، ونشأ هذا المعيار في فرنسا من خلال عملية تفسير وتطبيق النصوص القانونية والتنظيمية بعد الثورة الفرنسية وتفسير مبدا الفصل بين السلطات تفسيرا خاصا على النحو السابق بيانه مما ادى الى تقرير مبدا الفصل بين اعمال السلطات الادارية والقضائية ولا سيما دستور السنة الثالثة وقانون 16-24 اوت 1790 ، الذي نص في مادته 13 على منع سلطات القضاء العادي ان تتعرض باي صورة من الصور لاعمال السلطات الادارية فاستشف المعيار العضوي من خلال هذه النصوص التي تذكر اعمال ومنازعات السلطة على اساس عضوي بحت .
*نقد :بالرغم من ان المعيار له اساس قانوني ، وامتيازه بالوضوح والبساطة والسهولة في تطبيقه وتحديد نطاق اختصاص جهات القضاء الاداري ، الا انه مشوب بعيوب السطحية وعدم المصداقية والدقة في تحديد نطاق اختصاص القضاء الاداري فهو فضفاض حيث ان هناك مجموعات من الاعمال الادارية و المنازعات الادارية وبالرغم من ان اطرافها جهات وسلطات ادارية انها تدخل في نطاق اختصاص جهات القضاء العادي كما هو الحال بالنسبة لدعاوى ومنازعات عقود الادارة العامة المدنية
2*معيار التمييز بين اعمال السلطة العامة واعمال التسيير :
تعود اصول هذا المعيار الى" المانيا " اين ساد فيها طيلة الامبراطورية الثانية وهو يعكس مرحلة الدولة الحارسة التي سادت في القرن19 ، ومؤدى هذا المعيار ان الادارة اما ان تتصرف كسلطة عامة ، وذلك في الحالة التي تستعمل فيها سلطاتها الاستثنائية غير المالوفة في القانون الخاص وهنا يعود الاختصاص للقضاء الاداري ، مثال ذلك " اصدار القرارات الادارية ، التنفيذ الجبري ، نزع الملكية للمنفعة العامة ، فكرة الشروط الاستثنائية وغير المالوفة المتعلقة بالعقود الادارية ، الالتزام بقيود واساليب الادارة العامة " هذه امثلة عن اعمال السلطة ، فهذه الاعمال التي تقوم بها الادارة العامة بصفتها سلطة عامة تمارس مظاهر السيادة عن طريق اصدار الاوامر والنواهي بارادتها المنفردة والملزمة هي وحدها تشكل اعمالا ادارية تخضع لقواعد القانون الاداري ويختص بالنظر والفصل فيها القضاء الاداري .
اما اعمال الادارة العادية تنحصر في تلك الاعمال والانشطة والتصرفات التي تقوم بها الادارة العامة باعتبارها شخص عادي مثل اشخاص القانون الخاص لا باعتبارها سلطة عامة تحوز وتمارس امتيازات السلطة العامة ومن امثلة اعمال الادارة العادية الاعمال التي تاتيها وتقوم بها الادارة العامة بذات الاساليب التي يتصرف بها الاشخاص العاديون مع بعضهم " علاقات القانون الخاص " ، مثل ابرام الادارة عقودا مدنية تكون فيها الادارة طرفا متعاقدا عاديا مثل الطرف الاخر ، والتصرفات التي تقوم بها الادارة العامة بصدد تسيير اموال الدولة الخاصة " الدومين الخاص " فهذه الاعمال في نظر انصار هذا المعيار لا تعد ادارية وتخرج بالتالي من نطاق تطبيق القانون الاداري وتخرج من اختصاص القضاء الاداري
• نقد :
1- انه معيار غير دقيق ذلك ان نشاط الادارة قد يكون مختلطا ، فيشكل مزيجا من اعمال السلطة واعمال التسيير وكثيرا ما يصعب التمييز بين ما يعتبر من نشاطات السلطة و ما يعتبر من نشاطات التسيير
2- ان المعيار يضيق من نطاق اختصاص القضاء الاداري ومجالاته ويكاد يحصره في نظرية واحدة هي نظرية الضبط الاداري وبعض النشاطات الاخرى القليلة وفي المقابل يوسع من مجال اختصاص القضاء العادي الذي يصبح مختصا بالكثير من موضوعات القانون الاداري التي لا تظهر فيها الاوامر والنواهي بوضوح ، كما هو الحال في العقود والمسؤولية ، الاموال وحتى الوظيفة العامة.
3- تضييق مجال اختصاص القاضي الاداري يعني كبت تطور القانون الاداري ، لان القاضي الاداري كان دائما المصدر المنشئ لقواعد القانون الاداري
4- ان هذا المعيار يعكس مرحلة من مراحل تطور وظيفة الدولة اذ كانت الدولة مع نهاية القرن19 لم تعد دولة الاوامر و النواهي فقط وانما اصبحت دولة خدمات وبالتالي لم يعد صحيحا القول ان مجالات القانون الاداري هي ما يتصل بالسلطة ، فالمجالات الاخرى التي تظهر فيها الدولة " هي الغالبة حاليا " كخادمة وليس كسلطة هي من صميم القانون الاداري .
*3معيار المرفق العام :اخذ بهذا المعيار اول مرة في حكم محكمة التنازع في قضية بلانكو الصادر 8/2/1873وجاء حكم المحكمة مقرا ان النزاع يعود امر الفصل فيه الى القضاء الاداري لان الامر متصل بمرفق عام وهكذا تقرر اختصاص القضاء الاداري بالنظر في كافة المنازعات المتعلقة بالمرافق العامة من حيث تنظيمها او سيرها بغض النظر عما اذا كانت الادارة قد قامت بتصرفات عادية ام بصفتها صاحبة سلطة ، ولقد ترتب على الاخذ بهذا المعيار توسيع اختصاصات مجلس الدولة نظرا لان سير المرافق العامة وتنظيمها يستنفذ جل نشاط الادارة .
مع ان الحكم جاء بصفة عامة ولكن كان اكثر وضوحا في تقرير مفوض الحكومة السيد " romieu " وكذا في قضية " therond " بتاريخ 14/03/1910 فالمرفق العام " هو مشروع تديره الدولة بنفسها او تحت اشرافها لاشباع الحاجات العامة بما يحقق المصلحة العامة " فكان من انصار هذه النظرية " دوجي ، جيز ، بونار ، رولاند " فالدولة عند هؤلاء وخاصة عند دوجي ليس لها شخصية معنوية فالدولة في حالتها الحركية ليست سلطة امر ونهي ، وانما هي كتلة ضخمة ومجموعة كبيرة من المرافق العامة ينشئها الحكام ويديرونها باعتبارهم عمال مرافق عامة وذلك لتحقيق اهداف التضامن الاجتماعي المختلفة حيث يديرها الحكام بصفتهم عمالا فيها لا بصفتهم اصحاب سلطة الامر و النهي ، فيرى انصار هذه المدرسة ان المرفق العام هو المؤسس المحدد لنطاق اختصاص القضاء الاداري فكل عمل ونشاط يكون مرتبطا ومتصلا بالمرفق العام باي صورة من صور الاتصال يكون عملا اداريا يدخل في نطاق قواعد القانون الاداري واختصاص القضاء الاداري .
ولكن مع ظهور الاشتراكية وحدوث الحروب والازمات اصبحت الادارة تمارس نشاطات لا تختلف في طبيعتها عن انشطة الافراد ومستخدمة في ذلك اساليب القانون الخاص مع ما يترتب عن ذلك من خضوع هذه النشاطات للقضاء العادي فظهر حينها ما اصطلح عليه " ازمة المرفق العام " ومثال ذلك ظهور المرافق العامة الصناعية والتجارية في حين ان المرفق العام يبدو في حالات اخرى شديد الضيق حيث انه من المسلم به ان كثيرا من المسائل التي لا تتصل بالمرافق العامة تندرج مع ذلك في نطاق اختصاص القضاء الاداري ومن امثلة ذلك " المازعات المتعلقة باستعمال المال العام و استغلاله وبعض العقود الادارية
*نقد :
تعرض هذا المعيار بدوره الى انتقادات شديدة هي انه
1- بعد الحرب العالمية الثانية والتطورات التي طرات على دورالدولة في الحياة الاقتصادية مما ادى الى احداث تغييرات جوهرية على نشاط الادارة العامة
2- تعتبر فكرة المرفق العام فكرة مضيقة حيث حصر نشاط الادارة في فكرة المرفق العام حيث تتولى الادارة باموالها و موظفيها اشباع الحاجيات العامة تحت اشرافها حيث تخرج منازعات الضبط الاداري من اختصاص القضاء الاداري
ويتجلى ضيق فكرة المرافق العامة في حالة المشروعات الفردية ذات النفع العام التي تستهدف الغايات نفسها التي تستهدفها المرافق العامة الا انها تخضع للقانون الخاص
3- بعد ظهور المرافق الاقتصادية اخضعت لقواعد القانون الخاص ، وظهرت شركات الاقتصاد المختلط وبذا بدا تضييق معيار المرفق العام كاساس لتوزيع الاختصاص بين جهتي القضاء الى ادراج منازعات المرافق الاقتصادية ضمن دائرة اختصاص القضاء الاداري رغم انها تخضع للقانون الخاص وقواعده لذا قيل " ان الفكرة التقليدية للمرفق العام قد تطورت كثيرا في وقتنا الحاضر حتى ذهبت معالمها "
4- اصبحت فكرة المرفق العام فكرة غامضة وغير واضحة المعالم : شهدت بداية القرن20 العديد من المشكلات كتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وزيادة المرافق العامة
5-تردد الاجتهاد القضائي :" ان الاجتهاد القضائي يعود لمعايير اخرى لتحديد فكرة اختصاص كل من الجهتين ، فنجده يعود للطبيعة العامة او الخاصة للعلاقات القانونية التي كانت محلا للنزاع ، وتعتمد بعض الاحكام على طبيعة القواعد المطبقة ، لهذا قررت محكمة التنازع ان المحاكم العادية هي المختصة بنظر دعاوى التعويض المقدمة ضد اشخاص القانون الخاص المكلف بادارة مرفق عام ،ما دام انه لم يمنح حق التمتع ببعض امتيازات القانون العام "
4*معيار التمييز بين التسيير العام والتسيير الخاص : '' هذا المعيار قريب الشبه من معيار التمييز بين اعمال اعمال السلطة واعمال الادارة العادية ، فالادارة العامة عندما تقوم بوظيفتها قد تستعمل ذات الاساليب و الاجراءات التي يستعملها الافراد اي اساليب الادارة الخاصة ، مثل الاساليب التي تتبعها و تستعملها الادارة في تسيير و ادارة املاك الدولة الخاصة " الدومين الخاص " ، واساليب ابرام العقود المدنية فبالتالي في مثل هذه الحالة عندما تلتجئ الادارة لاساليب الادارة الخاصة يكون الاختصاص معقود للقضاء العادي ، اما اذا قامت الادارة باعمال وظائفها وفقا لاساليب الادارة العامة المغايرة و المتميزة عن اساليب الادارة الخاصة ،فان هذه الاعمال في ظل قوالب واساليب الادارة العامة تعد اعمالا ادارية تدخل في نطاق تطبيق القانون الاداري ويكون الاختصاص ازاءها معقودا للقضاء الاداري ومن امثلة هاته الانشطة " اختيار العمال في الادارة العامة ، ابرام عقود ادارية ، اساليب ادارة وتسيير الاموال العامة للدولة وحمايتها واساليب انعقاد المسؤولية الادارية للدولة "
• نقد :
1- لم ينل هذا المعيار اهتماما من قبل القضاء الاداري ، فقد ظل القضاء الاداري يعتمد على فكرة التمييز بين اعمال السلطة العامة واعمال الادارة العادية بالرغم من دعوة الفقه لتطبيقه نظرا لسلامته وقد كمَل هذا المعيار معيار التمييز بين اعمال السلطة العامة واعمال الادارة العادية وامكن بواسطته ادخال العقود الادارية ضمن الاعمال الادارية نظرا لاحتوائها على اساليب الادارة العامة " نظرية الشروط الاستثنائية " وادخالها في نطاق تطبيق القانون الاداري واختصاص القضاء الاداري ، بينما كان معيار التمييز بين اعمال السلطة واعمال الادارة العادية يخرج العقود الادارية من نطاق اختصاص القضاء الاداري لانها تتضمن مجموعة اوامر ونواهي صادرة من الادارة العامة بصفتها سلطة عامة ''
5*معيار السلطة العامة : من انصار هذه النظرية " فيدل ، هوريو .... واتباعهما " ان السلطة العامة باعتبارها السلطات والامتيازات والاختصاصات ، مجموعة الاساليب الفنية ،و مجموعة القيود التي تعمل في حدودها الادارة العامة هي اصل تحديد معيار اختصاص القضاء الاداري اذ ان تلك الامتيازات والسلطات تجعل الادارة العامة باعتبارها سلطة عامة في مركز اسمى وغير متساوي مع مراكز الافراد وبالتالي تحتم وجود قواعد القانون الاداري غير المالوفة والمتميزة عن قواعد القانون الخاص ، فكل عمل يتضمن مظهرا من مظاهر السلطة يدخل في اختصاص القضاء الاداري فلمفهوم السلطة العامة عنصران ،
اولهما : ايجابي / هو مجموعة الامتيازات التي تجعلها اسمى من مركز الافراد
ثانيهما : سلبي / هو مجموعة القيود التي تقيد و تحدد السلطة الادارية عند القيام بوظائفها مثال ذلك " حماية المال العام ، الالتزام بمبدا الشرعية الموضوعية والشكلية في كل ما تقوم به الادارة العامة من تصرفات واعمال"
*نقد :
ان السلطة العامة بالمفهوم السابق تنجح كمعيار لتحديد نطاق اختصاص القضاء الاداري ، فاحتواء العمل او النشاط على مظهر من مظاهر السلطة العامة هي التي تكسبه الطبيعة الادارية وتدخله بالتالي ضمن نطاق القضاء الاداري و اختصاصه " العقود الادارية ، القرارات الادارية ، الاموال العامة ، فكرة الموظف العام "
*المعيار الحديث " القانون واجب التطبيق " :
اذا كان النزاع المطروح يثير قضية من قضايا النظام العام انعقد الاختصاص للقضاء الاداري ، واذا كان النزاع يثير مشكلة من مشاكل القانون الخاص انعقد الاختصاص للقضاء العادي ويمكن تحديد القانون الواجب التطبيق من خلال جملة من المسائل منها على الخصوص اشخاص النزاع وموضوع النزاع
فالبنسبة " لاشخاص النزاع " اذا كان النزاع بين شخصين عاديين انعقد الاختصاص للقضاء العادي لان العلاقات بين الخواص يحكمها كقاعدة عامة القانون الخاص ولا يجوز الخروج عن القاعدة الا اذا نص القانون على خلاف ذلك وقد اقر الاجتهاد استثناءات على هذ القاعدة اثر فضيحة "monpeurt " وحالة تسيير المرفق العام عن طريق الالتزام حيث يتمتع الشخص الملتزم ببعض امتيازات القانون العام ، وكذلك تعتبر القرارات الصادرة عنه قرارات ادارية تخضع منازعاتها للقضاء الاداري
اما بالنسبة لموضوع النزاع وهو العامل الحاسم في تحديد القانون الواجب التطبيق ويتجلى ذلك من خلال التمييز بين
1- التصرف الاداري المنعزل : في هذه الحالة يبحث القاضي جملة القواعد التي تنظم هذا التصرف ، فاذا كان التصرف يخضع لنظام من انظمة القانون الخاص كان الاختصاص للقضاء العادي " عقد تجاري مبرم ضمن قواعد وشروط القانون الخاص " واذا كان التصرف يخضع لنظام من انظمة القانون العام انعقد الاختصاص للقضاء الاداري " علاقة الادارة بموظفيها كفرض الضرائب "
2- النشاطات الادارية المستمرة : ان النشاطات الادارية المستمرة تمثل المرافق العامة التي تعود منازعاتها للقضاء الاداري لان القانون الواجب التطبيق يتعلق بقضية من قضايا القانون العام
• نقد : انه من الصعوبة بمكان تحديد القانون الواجب التطبيق احيانا ولكنه ايضا في حالات كثيرة لا يمكن معرفة القانون الواجب التطبيق الا اذا تم تحديد جهة الاختصاص .
المطلب الثاني : المجالات العائدة للقضاء الاداري بحكم التشريع
ولو ان اختصاص القضاء الاداري بالمنازعات الادارية لا يحتاج الى نص ، لان الولاية العامة بنظر هذه المنازعات تنعقد للقاضي الاداري ، ولا يسحب منه الاختصاص الا استثناءا و الاستثناء دائما يحتاج الى نص خاص وصريح في المجالات التي نص المشرع على اختصاص القضاء الاداري بها ما يلي :
- المنازعات المتعلقة ببيوع الدومين " قانون 28 بليفيوز " العام الثامن للثورة
- منازعات الضرائب المباشرة " قانون 05 فنتوز " العام 12 للثورة
- المنازعات المتعلقة بالعقود التي ترخص بشغل الدومين العام " المرسوم بقانون الصادر في 17 جوان 1938"
المبحث الثاني : الاستثناءات على معايير الاختصاص
الاصل ان المنازعات التي تتصل بالاعمال الادارية التي تباشرها الادارة باساليب السلطة العامة تخضع لاختصاص القضاء الاداري وممع ذلك فان بعض المنازعات تدخل في اختصاص القضاء العادي كاستثناء من قاعدة اختصاص القضاء الاداري بنظرها ، وذلك لاعتبارات معينة يقرها المشرع او القضاء ، وسنتناولها في المطلبين التاليين .
المطلب الاول : المجالات العائدة للقضاء العادي بحكم الاجتهاد
الى جانب المعايير القضائية السابق عرضها هناك معايير قضائية خاصة تضع جملة من الاستثناءات على قواعد اختصاص القضاء الاداري باحالتها الاختصاص الى المحاكم العادية في قضايا تعتبر – بحسب معايير توزيع الاختصاص المشار اليها آنفا من اختصاص القضاء الاداري – لقد ادت هذه المعايير الخاصة الى توسيع اختصاص القضاء العادي بمنازعات الادارة العامة شيئا فشيئا بموجب الاستثناءات التي سنتها وبالتالي فان عدة مجالات اصبحت من اختصاص القضاء العادي استثناءا من القاعدة العامة
1/المنازعات المتعلقة بتسيير مرفق القضاء :
فقد ميَز الاجتهاد القضائي بالنسبة لمرفق القضاء العادي بين تنظيم المرفق وبين تسييره فلا تخضع لاختصاص القضاء الاداري سوى المنازعات المتعلقة بتنظيم العدالة بوصفها مرفقا عاما وهكذا فان القرارات المتعلقة بانشاء والغاء المحاكم هي من اختصاص القضاء الاداري ، وكذلك الامر بالنسبة للقرارت المتعلقة بالسلك المهني للقضاة من تعيين وترقية ومرتب وتاديب ، واخيرا فان القرارات الصادرة كذلك عن المجلس الاعلى للقضاء بوصفه جهازا اداريا تخضع للقضاء الاداري
'' فتنظيم مرفق القضاء يشمل حسب احكام مجلس الدولة الفرنسي
- انشاء المحاكم '' مجلس الدولة 19/10/1962
- الغاء المحاكم '' مجلس الدولة 23/05/1952
- طريقة تعيين القضاة او نقلهم او تغيير وضعهم الوظيفي '' مجلس الدولة 27/05/1947
- عدم توافر الشروط الصحية في القضاة '' مجلس الدولة 31/10/1962
- احالة القضاة الى التقاعد '' مجلس الدولة 4/06/1947''
ان اساس عدم اختصاص القضاء الاداري بمنازعات تسيير مرفق القضاء العادي ، هو مبدا الفصل بين السلطات الذي لا يسمح للقاضي الاداري بالتدخل في نشاط سلطة قضائية مستقلة
2/ المنازعات الناتجة عن المساس الخطير بالملكية الخاصة بالحقوق الاساسية للافراد :
الامر هنا متعلق بمبدا ثابت في النظام القضائي الفرنسي مفاده ان القاضي العادي هو حامي الحريات الاساسية و الملكية الفردية ، فكل مساس اداري بحق من الحقوق الاساسية للافراد او حرياتهم يكون الاختصاص معقودا للقضاء العادي وليس للقضاء الاداري ويتبلور ذلك في احكام نظريات الغصب والاستيلاء والتعدي
أ / نظرية الغصب : يقصد بالغصب ان تستولي الادارة على عقار مملوك لاحد الافراد بصورة مؤقتة او بصورة نهائية ، ففي مثل هذه الحالات ينعقد الاختصاص بنظر دعوى التعويض ضد الادارة للمحاكم العادية وذلك استنادا لنظرية الغصب التي تتاسس على فكرة تقليدية في فرنسا مؤداها كما ذكرنا سابقا ان القاضي العادي هو وحده الذي يضمن للافراد حماية حق الملكية ولو لم يكن هناك نص يضمن ذلك وتتحقق هذه الاعمال اذا ما قامت الادارة العامة باعمال مادية غير مشروعة بصورة جسيمة واستثنائية وظاهرة وتتضمن اعتداءات على حقوق الملكية وعلى الحريات العامة ولوجود وانطباق هاته النظرية لزم توافر ثلاث شروط هي
'' 1-تجريد الشخص من الملكية : لا بد القول بوجود حالة ' غصب ' من وجود حالة وضع يد على الملكية الخاصة و بالمقابل لا تكون هناك حالة ' غصب ' عندما تبقى الادارة خارج الملكية ولا تدخلها وتلحق بها مساسا من الخارج دون وضع اليد عليها وتكون هناك حالة ' غصب ' حتى عندما يكون التجريد من الملكية جزئيا او مؤقتا فعندما يتم بطريقة غير قانونية وانصب على عقار يشكل اذن حالة من حالات الغصب
2-ان يكون موضوع التجريد ملكية عقارية او حق عيني عقاري: وللتمييز بين المنقولات والعقارات يلجا القاضي دائما الى المادة 516 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بتقسيم الاموال ، فكلما كان التجريد متعلقا باموال منقولة كلما بقي الاختصاص للقضاء الاداري ، وفي الحالة التي يكون فيها قرار التجريد متعلقا باموال عقارية ومنقولة في ان واحد فان الاختصاص يعود للقضاء العادي الى جانب القضاء الاداري ، اذ يفصل الاول في الجزء الخاص بالعقارات والثاني يفصل في الجزء المتعلق بالمنقولات ، وعندما يتضمن التجريد جانبا غالبا ( عقارا او منقولا ) فان الجهة المختصة هي التي يتبعها الجانب الغالب
3- ان يكون التجريد غير قانوني : اشارت الى هذا الشرط محكمة التنازع واكده مجلس الدولة وبالمقابل عندما تجرد الادارة شخصا من املاكه بموجب سند قانوني فان الاختصاص – في غياب نص خاص – يبقى للقضاء الاداري ، فدور القاضي العادي هنا محدود فهو لا يستطيع فحص الطابع غير القانوني لقرار التجريد فالمحاكم العادية لا تقرر ' عدم شرعية ' عملية التجريد الا اذا كان قرار التجريد الغي من طرف المحاكم الادارية او اذا كانت المحاكم الادارية قد احيل عليها الدفع بعدم المشروعية من قبل المحاكم العادية واعلنت عدم مشروعيته ولا تشذ عن هذه الحالة او القاعدة سوى حالة وجود لا مشروعية صارخة وبديهية اي في الحالة التي يشكل فيها قرار التجريد ' الغصب ' تعديا ، فالقاضي العادي يعتمد على وصف هذ الاخير ' تعديا ' ، دون احالة الامر على القاضي الاداري لفحص عدم المشروعية ''
وبتوافر هاته الشروط تختص المحاكم العادية بالتعويض عن الضرر الذي يلحق بمالك العقار من جراء هذا الغصب دون فحص مدى مشروعية الاستيلاء التي قامت به الادارة ، اذ يبقى الاختصاص بفحص مشروعية الاستيلاء منعقد للقضاء الاداري ، كما لا تملك المحاكم العادية الا الحكم بالتعويض فلا يجوز لها الغاء قرار الاستيلاء غير المشروع او وقف تنفيذ هذا الاستيلاء
ب/ نظرية التعدي :' يقصد باعمال التعدي قيام الادارة باعمال مادية غير مشروعة تمس الافراد في ملكياتهم او حرياتهم ، ففي هذه الحالة تختص المحاكم العادية في فرنسا بالنظر في مطالبات الافراد بوقف اعتداء الادارة عليهم وتعويضهم عن الاضرار الناجمة عن تصرفاتها ' 'وللقول بوجود تعدي هو اتسام التصرف بلا مشروعية صارخة وكذا مساس العمل المادي بحق من الحقوق الفردية' ولانطباق هذه النظرية وجب توافر شروط منها
1- يشترط ان يكون هناك عمل مادي تنفيذي : فلا يكفي ان يتم العمل بواسطة قرار اداري ، فهذا القرار لا يعتبر بذاته من اعمال التعدي مهما كانت درجته غير مشروعيته
'' اما اذا لم يتبع التصرف القانوني بتنفيذ مادي فلا يمكن القول بوجود تعدي ، غير ان وجود تهديد محدد بالتنفيذ يؤدي الى نظرية التعدي حتى اذا لم ينفذ هذا التهديد '' حكم محكمة التنازع في 18/12/1947 '' .
كما يمكن ان تتجسد هذه اللا مشروعية في التصرف المادي المتخذ لتنفيذ التصرف القانوني ، مثال ذلك ان تقوم الادارة بالعمل المادي دون اتخاذ التصرف القانوني المسبق واللازم لهذا العمل المادي او عندما تقوم بعمل مادي غير مطابق مع التصرف نفسه ، او عندما تقوم الادارة بالتنفيذ الجبري في حالات يمنع فيها القانون اللجوء اليه ، فمخالفة التصرف المادي للقانون يشكل تعديا وهذه الحالة هي الاصل في وجود التعدي ونظرا لخطورة التعدي اجاز القضاء طلب الغاء التصرف القانوني " القرار مثلا " الذي اسس عليه العمل المادي سواء امام القضاء الاداري او القضاء العادي والاصل انه " لولا حالة التعدي لكان الغاء القرار ليس من اختصاص القضاء العادي " بينما لا يكون الاختصاص بتقدير التعويض الا من اختصاص المحاكم العادية ، ان بعض الاحكام الحديثة تذهب في اتجاه تقاسم الاختصاص في حالة التعدي بين القضائين العادي والاداري ، فنتيجة لهذا طالب بعض الفقهاء مفوضي الحكومة بالغاء نظرية التعدي ''
2- المساس بالحقوق الفردية : "اي المساس بالحريات الطبيعية للافراد ' حرية الصحافة ، حرية العبادة ، حرمة وسرية المراسلات ' فهنا يكون للقضاء العادي صلاحيات واسعة فيستطيع تحديد اذا كان هناك تعد من عدمه وفي حالة التاكد منه يقدر التعويضات اللازمة ويستطيع امر الادارة بوقف التعدي او ارجاع الاملاك المحجوزة ، فيكون ذلك استثناءا على المبدا العام الا وهو عدم جواز توجيه القاضي الاداري اي امر الى السلطات الادارية بحكم الفصل بين السلطات الادارية و القضائية واستقلال كل منهما عن الاخرى ، لكن بسبب خطورة التعدي اباح الاجتهاد هذه السلطات للقاضي العادي بل واباح له حتى سلطة توجيه اوامر مسبقة فاجاز انذار الادارة بعدم التعدي وبمنعها مسبقا من اللجوء الى التنفيذ المادي غير القانوني ''
ج/نظرية الاستيلاء : الاستيلاء هو اجراء جبري يسمح للادارة بالحصول على الاموال المنقولة وكذا التمتع بالاموال العقارية وياخذ شكل قرار اداري ويمكن حصره حسب موضوعه الى اربع انواع :
1- الاستيلاء على الاموال : فينصب على المنقولات بهدف تملكها او استعمالها فقط ، او على العقارات ولكن في هذه الحالة يتم استعمالها دون تملكها .
2- تسخير الاشخاص و الخدمات الشخصية : فيمكن ان يكون التسخير جماعيا او فرديا ، ويتمثل تسخير الخدمات في الزام الشخص او المؤسسة بتنفيذ الخدمات المطلوبة بوسائلها الخاصة مع احتفاظها بالنشاط المهني .
3- تسخير المؤسسات : ويشمل الوسائل المادية للمشروع وعماله ومحلاته ، ولكونه نوع من الاستيلاء المؤقت فهو يتعلق يالاستيلاء فقط .
4- الاستيلاء على العقارات : وجب التفرقة بين الاستيلاء المؤقت الذي ينتهي بمدة محددة فقط و الاستيلاء الممهد لنزع الملكية للمنفعة العامة ويتم توزيع الاختصاص في فرنسا على الشكل الاتي :
- منازعات المشروعية : فيكون الاختصاص للقضاء الاداري لان قرار الاستيلاء هو قرار اداري ويتم ذلك من خلال دعوى الالغاء ، اما اذا كان مشوبا بعدم مشروعية صارخة اصبح ' تعديا ' ومن ثم ينعقد الاختصاص للقضاء العادي كما اسلفنا سابقا
- منازعات التعويض : ان القاضي المختص مبدئيا هو القاضي الاداري ، غير ان القاضي العادي قد يختص في النظر في النزاع سواءا في حالة الاستيلاء غير المشروع
لقد اقر الاجتهاد القضائي اختصاص المحاكم العادية بالنظر في الدفوع المثارة امامها حول " مدلول " قرار اداري او مدى مشروعيته ، اذ ان الدعوى تبقى من اختصاص القضاء الاداري وحتى في حالة الدفع وجب ان يكون الاختصاص معقودا للقضاء الاداري بحكم ان الامر يتعلق بقضية من القضايا المرتبطة بالقانون العام " المعيار الحديث " ، فتكون الاستثناءات كالتالي :
- يقرر اختصاص القضاء العادي بالقرارات التنظيمية بينما يقرر وقف النظر في القضية بالنسبة للقرارات الفردية الى غاية فصل القاضي الاداري في الدفع هذا بالنسبة للدفع بتفسير القرارات الادارية .
- اجاز الاجتهاد القضائي الجزائي تقدير مشروعية اللائحة التي كانت اساسا للمتابعة الجزائية او التي استعملت كوسيلة للدفاع و درء للتهم وهنا ايضا ميز الاجتهاد القضائي بين القرارات التنظيمية والقرارات الفردية ولا يمنح الاختصاص للقاضي العادي بتقدير مدى مشروعية هذه الاخيرة الا اذا وجد نص صريح يبيح ذلك هذا في حالة المتابعة الجزائية بسبب مخالفة قرار اداري .
- اما فيما يخص المحاكم المدنية فالمبدا العام هو عدم اختصاصها بتقدير مدى مشروعية القرارات الادارية ولو ان هذا المبدا يعرف بعض الاستثناءات منها:
- الحالة التي يكون فيها القاضي المدني مختصا بالنزاع الاداري في اطار الاستثناءات على قواعد الاختصاص " الضرائب غير المباشرة " .
- امكانية التصريح من قبل القاضي المدني بانعدام القرار الاداري
- امكانية تقدير القاضي المدني مدى مشروعية القرارات التي تتضمن مساسا خطيرا بحرمة المسكن الفردي وبالحريات الفردية وبحق الملكية هذا فيما يخص الدفع بعدم المشروعية .
اما بالنسبة لمنازعات الدومين العام والخاص فقد انعكس التمييز بينهما كذلك على مستوى الاختصاص فتخضع منازعات الدومين العام للقضاء الاداري ، ومنازعات الدومين الخاص الى القضاء العادي مع بعض الاستثناءات المتعلقة باختصاص المحاكم الادارية فقد تختص المحاكم الادارية بقضايا منها :
- دعاوى الغاء القرارات التنظيمية المتعلقة بالدومين الخاص
- منازعات الاشغال العامة عندما يرتبط النزاع باشغال عامة تنفذ على ملحقات دومين خاص .
اما بالنسبة لمنازعات العقود المتعلقة بالدومين الخاص : حيث تعتبر منازعات هاته العقود من اختصاص القضاء العادي وقد تم التراجع عن الاجتهاد القديم الذي كان يرى ان هذه العقود هي عقود مدنية بسبب موضوعها قد تم التراجع عنه في الاجتهاد الحديث الذي اصبح يعتبرها عقودا ادارية في الحالة التي تتضمن من حيث موضوعها شروطا غير مالوفة في القانون الخاص '
المطلب الثاني : المجالات العائدة لاختصاص القضاء العادي بحكم التشريع
اضافة الى الاستثناءات التي اقرها الاحتهاد القضائي خروجا عن قواعد توزيع الاختصاص والتي بيناها ، هناك استثناءات تشريعية اين اقر المشرع اختصاص المحاكم المدنية ببعض المنازعات الادارية نذكر منها
1- ''المنازعات المتعلقة بحالة الاشخاص " الحالة المدنية كالزواج ، النسب ، الاسم ، الموطن ...... الخ " في المادة 326 مدني فرنسي
2- منازعات الضرائب غير المباشرة وفقا للقوانين '' 7 و11 سبتمبر 1790 ''
اذ ان معيار الاختصاص متوافر لكن استثناءا من القاعدة فضل المشرع جعل الاختصاص للقضاء العادي غير انه من غير المفهوم احالة نزاع ذو طابع عام الى اختصاص القضاء العادي ومن الغريب ان هناك موضوعا واحدا ولكن يتوزع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي ' الضرائب غير المباشرة ' و القضاء الاداري ' الضرائب المباشرة ' ، لكن اليس من المفيد الحفاظ على وحدة الموضوع الواحد وجعله من اختصاص جهة واحدة .
3- منازعات الضمان الاجنماعي وتختص بها المحاكم العادية ان هذ الاستثناء ينسجم الى حد كبير مع معيار التمييز بين التسيير العادي والتسيير العام ، فمرفق الضمان الاجتماعي كبقية المرافق العامة ذات الطابع الاجتماعي تسيَر في فرنسا بطريقة مشابهة لتسيير المشروعات الخاصة .
4- منازعات المسؤولية الادارية : ان نصوصا كثيرة احالت الاختصاص للقضاء العادي كقانون جوان 1859 وقانون جويلية 1905، وكذلك قانون البريد والبرق ..
- قانون 05 افريل 1937 في مجال مسؤولية الدولة التي تحل محل مسؤولية المعلمين عن الاضرار التي يسببها او يتعرض لها تلاميذ " مسؤولية المكلف بالرقابة "
- قانون 31/12/1957 في المسؤولية عن حوادث السير الادارية
- قانون 17/07/1970 في المسؤولية عن الحبس الاحتياطي
- قانون 05/07/1972 في المسؤولية عن العمل المعيب لمرفق القضاء العادي
- قانون 03/06/1977 ، 02/02/1981 وقانون 08/07/1983في مجال المسؤولية عن الاضرار الجسمانية الناتجة عن مخالفة
- قانون 03/07/1877 في مجال الاضرار الناتجة عن تمركز القوات الحكومية
كل هذه الاعمال احيلت للقضاء العادي لتشابه الموضوع ولان الدولة لا تظهر فيها كسلطة عامة
5- المنازعات المتعلقة ببراءة الاختراع حيث جعلت المادة 34 من قانون 05/07/1884 الاختصاص للقضاء العادي ولكن الاستثناء ضعيف جدا مثال ذلك علامات الصنع لا يشملها هذا القانون .
6- المنازعات في مجال الطاقة حيث منح قانون 30/10/1968 الاختصاص للمحاكم العادية في كل ما يتعلق بالمطالبات الناتجة عند اضرار الطاقة النووية وكذلك قانون 15/06/1906 بالنسبة للاضرار الناتجة عن تنصيب المنشات الكهربائية
7- المنازعات المتعلقة بقرارات مجلس المنافسة حيث نص قانون 06/07/1987 في اختصاص محكمة استئناف باريس بها ''
الخاتمة :
ان القضاء الاداري كان ولا زال غير مقيد بمبدا واحد او نظرية واحدة او فكرة واحدة بصورة ثابتة ومستقرة وانما يعتمد ويطبق سياسة المرونة بحيث يكون حرا ومتمتعا بالسلطة التقديرية والملائمة في اختيار المعيار الملائم والانسب للمنازعات الادارية فهكذا يتبنى القضاء الاداري في فرنسا المعيار المختلط ( النظرية العضوية – الشكلية ) حيث يتطلب ان يكون اطراف النزاع من الاشخاص المعنوية العامة الادارية او المرافق العامة بمفهومها العضوي او المؤسسات العامة الادارية حتى يمكن اعتبار المنازعة من اختصاص القضاء الاداري اضافة الى تبني المرفق العام بمفهومه المادي والعضوي كاساس ومعيار لتحديد نطاق اختصاص القضاء الاداري وايضا نظرية السلطة العامة وكذا نظرية القواعد القانونية واجبة التطبيق هذا ما رآه الدكتور عمار عوابدي.
اما عند الدكتور سامي جمال الدين فيرى ان معيار السلطة العامة بمفهومه الجديد الذي يتفق مع مقتضيات الصالح العام وحقوق الافراد وحرياتهم مع مراعاة واقع النشاط الاداري واساليبه وحقيقة ما تتمتع به الادارة من اختصاصات وامتيازات مما ادى الى اعتناق الفقه في فرنسا لمعيار السلطة العامة لتحديد نطاق اختصاص القضاء الاداري
فاهم ما نلاحظه هو ان توزيع الاختصاص بين القضاء الاداري والقضاء العادي في فرنسا هو توسع مجال اختصاص القضاء العادي شيئا فشيئا ليس فقط بحكم الاجتهاد ،ولكن ايضا بحكم النصوص الكثيرة والتي تصدر من حين لاخر مما يدل على ازدياد تدعيم اختصاص القضاء العادي بالمنازعات الادارية الى درجة انها اصبحت ذات اهمية بالغة تعقدت معها مسالة الاختصاص ، مما يؤدي الى القول بان نظام الازدواجية في فرنسا يحمل عيوبا ومساوئ في تحديد الاختصاص اذ انه بقدر ما يخصص عمل القضاء وبالتالي قدرتهم على تحقيق عدالة عالية المستوى بقدر ما يؤدي الى اشكالات كثيرة ومعقدة على مستوى تحديد جهة الاختصاص الى درجة ان الفقه والقضاء لم ينجح في ارساء معيار جامع مانع وهو ما يؤدي في الكثير من الاحيان الى صعوبة معرفة اي القضائين مختص الاداري ام العادي ؟
ان المتقاضين هم الذين يتحملون مشاكل الاختصاص هذه عندما يخطئون في توجيه دعاواهم الى جهة غير مختصة ، مما يكلفهم اعباء اضافية
قائمة المراجع
1- مسعود شيهوب ، المبادئ العامة للمنازعات الادارية ، ج1، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ،ط19992- عوابدي عمار ، القضاء الاداري، ديوان المطبوعات الجامعية،ط4 ، الجزائر ، 20053- سامي جمال الدين ، القضاء الاداري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية
4- علي خطار شطناوي ، موسوعة القضاء الاداري ، ج1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الاردن ، 2004
[1] سامي جمال الدين ، القضاء الاداري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ، ص257
[2] عمار عوابدي ، النظرية العامة للمنازعات الادارية في النظام القضائي الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية ،ط4 ، الجزائر الجزائر ،2005 ،ص 98-99
[3] مسعود شيهوب ، المبادئ العامة للمنازعات الادارية ، ج1 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، ط1999، ص 119
[4] عمار عوابدي ، مرجع سابق 101-102
[5] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 119-120
[6] حسين محمد عثمان ، قانون القضاء الاداري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ،2003 ، ص 140-141
[7] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص121
[8] عمار عوابدي ، مرجع سابق ، ص 107-108
[9] حسين محمد عثمان ، مرجع سابق ، ص 140-141
[10] علي خطار شطناوي ، موسوعة القضاء الاداري ، ج1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الاردن ،2004 ، ص 223 -226
[11] عمار عوابدي ، رجع سابق ، ص 104-105
[12] عمار عوابدي ، مرجع سابق ، ص 115-116
[13] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 126-127
[14] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 128
[15] سامي جمال الدين ، مرجع سابق ،ص 306
[16] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص129
[17] حسين عثمان محمد ، مرجع سابق ، ص164
[18] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص130
[19] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص130
[20] سامي جمال الدين ، مرجع سابق ، ص 307
[21] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 131-132-133
[22] سامي جمال الدين ، مرجع سابق ، ص 307-308
[23] سامي جمال الدين ، مرجع سابق ، ص 308
[24] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 133
[25] سامي جمال الدين ، مرجع سابق ، ص 308
[26] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 134-135
[27] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 135
[28] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 136-137
[29] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 139-140-141-142
[30] مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 142-143-144
[31] عمار عوابدي ، مرجع سابق ،ص 118-119
[32] سامي جمال الدين ، مرجع سابق ،ص 302-303
شاركنا بتعليقك...