-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

أركان عقد البيع العقاري الجزائري


أركان عقد البيع العقاري

يجب لقيام عقد البيع العقاري توفر الأركان العامة للعقد من رضاء و محل و سبب، إضافة إلى ركن رابع يتمثل في الرسمية، و سوف ندرس هذه الأركان في أربعة مطالب تباعا.
المطلب الأول: التراضي

يشترط لانعقاد عقد البيع العقاري اقتران إرادتين متطابقتين، أي وجود إيجاب معين وقبول مطابق له، و يستوي أن يصدر الإيجاب من البائع أو المشتري، كما ينبغي الاتفاق على العناصر الجوهرية للبيع و هي طبيعة العقد و المبيع و الثمن، أما العناصر الثانوية كمكان تسليم المبيع و مكان دفع الثمن، فلا يجب أن يتم الإتفاق عليها، بل يكفي ألا يحصل خلاف بين الطرفين بشأنها، إذ تكفل المشرع الجزائري بتنظيم عقد البيع و بيان أحكامه، و تحديد التزامات البائع و المشتري، و هذا عند عدم وجود اتفاق بين الطرفين في هذا الصدد.( )
و تسري على تبادل الإيجاب و القبول الأحكام العامة التي نص عليها المشرع الجزائري في المواد من 59 إلى 70 من القانون المدني الجزائري.

الفرع الأول: الأهلية
كما يجب لصحة الرضاء أن يكون صادرا من ذي أهلية، و عقد البيع من التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر، و لذلك يشترط لصحته توفر أهلية الأداء، فإن صدر من ناقص أهلية كان قابلا للإبطال، و هذا ما نصت عليه المادة 83 من قانون الأسرة الجزائري و التي جاء فيها ما يلي " من بلغ سن التمييز و لم يبلغ سن الرشد طبقا للمادة 43 من القانون المدني تكون تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة له، و باطلة إذا كانت ضارة به، و تتوقف على إجازة الولي أو الوصي فيما إذا كانت مترددة بين النفع و الضرر، و في حالة النزاع يرفع الأمر للقضاء."
و سن التمييز طبقا لنص المادة 42 من القانون المدني الجزائري هو 13 سنة، أما سن الرشد فهو 19 سنة كاملة، و هذا ما نصت عليه المادة 43 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثاني: سلامة الإرادة من العيوب
كما يشترط لصحة البيع خلو الإرادة من العيوب، أي أن لا تكون إرادة أحد المتعاقدين مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، فإذا شاب إرادة البائع أو المشتري عيب من هذه العيوب كان عقد البيع قابلا للإبطال.
و تجدر الملاحظة أن المشرع الجزائري وضع أحكاما خاصة بحالة الغبن في بيع العقار غبنا يزيد عن خمس قيمة المبيع وقت البيع، و ذلك في المواد من 358 إلى 360 من القانون المدني الجزائري.
الفرع الثالث: العلم الكافي بالمبيع
كما اشترط المشرع الجزائري في عقد البيع ضرورة علم المشتري بالمبيع علما كافيا ليصح عقد البيع، و يتم ذلك عن طريق رؤية المبيع و معاينته، أو أن يشتمل عقد البيع على بيان المبيع و أوصافه الأساسية، و إذا أقر المشتري في عقد البيع بأنه عالم بالمبيع سقط حقه في طلب إبطال عقد البيع بحجة عدم العلم الكافي بالمبيع إلا إذا أثبت غش البائع، و هذا ما نصت عليه المادة 352 من القانون المدني الجزائري.
المطلب الثاني: المحل

إن البيع عقد ملزم للجانبين، فهو عقد يرتب التزاما على كل من البائع و المشتري، و أهم التزام يقع على البائع هو نقل ملكية المبيع، و لذلك يعتبر المبيع محلا في عقد البيع، أما أهم التزام يقع على المشتري فهو دفع الثمن، و لهذا يعتبر الثمن محلا ثانيا في عقد البيع، فالمحل في عقد البيع العقاري إذن مزدوج يتكون من العقار و الثمن.
الفرع الأول: العقار المبيع
لم يرد في القانون المدني الجزائري نصا خاصا بالشروط الواجب توافرها في المبيع، و لذلك يجب الرجوع إلى القواعد العامة المتعلقة بشروط محل العقد بصفة عامة.
أولا: وجود العقار أو قابليته للوجود في المستقبل
تقضي القاعدة العامة أنه يجب لانعقاد العقد أن يكون المحل موجودا، و التالي إذا لم يكن المحل موجودا يقع العقد باطلا لانعدام محله.
إل أن المادة 92 من القانون المدني الجزائري نصت على أنه " يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا و محققا."
و من الأمثلة على بيع الأشياء المستقبلية نجد بيع شخص لمنزل قبل بنائه، و هذا البيع يطلق عليه في القانون الجزائري تسمية البيع على التصاميم، و قد شاع هذا البيع في وقتنا الحاضر، و ذلك للفوائد الكثيرة التي يحققها للمشترين ، و للمرقي العقاري الذي يتولى عملية بناء هذه السكنات لفائدة المشترين، و لذلك اهتم المشرع الجزائري بهذا البيع و نظمه بأحكام خاصة بمقتضى المرسوم التشريعي رقـم 93 -03 المؤرخ في 01 مارس 1993 ( ) و المتعلق بالنشاط العقاري، و كذا المرسوم التنفيذي رقم 94-58 المؤرخ في 07 مارس 1994 ( ) و المتعلق بنموذج عقد البيع بناء على التصاميم، و الذي يطبق في مجال الترقية العقارية.
ثانيا: تعيين العقار المبيع
يجب أن يكون العقار المبيع معينا حتى يمكن أن يرد عليه الإتفاق، و يعتبر العقار من الأشياء القيمية أي الأشياء المعينة بذاتها، و هي التي تتميز عن غيرها بصفات خاصة تعينه تعيينا ذاتيا يجعل غيره لا يقوم مقامه في الوفاء.
و تعيين العقار يكون بذكر موقعه و حدوده و مساحته و رقمه إذا شمله المسح العام للأراضي، فيجب أن يكون التعيين واضحا نافيا للجهالة.
ثالثا: جواز التعامل في العقار المبيع
هناك عقارات تخرج عن التعامل بحكم القانون كالعقارات الموقوفة، و العقار الموقوف هو المال المحبوس عن تملكه و التصرف فيه، و جعله على وجه من وجوه البر و الإحسان.
كما لا يجوز التعامل في التركات المستقبلة ( ) و الحقوق المتنازع فيها، و التعامل في أملاك الدولة العامة، حيث ورد في المادة 689 من القانون المدني الجزائري ما يلي " لا يجوز التصرف في أموال الدولة، أو حجزها، أو تملكها بالتقادم ..."
الفرع الثاني: الثمن
حسب نص المادة 351 من القانون المدني الجزائري السابق ذكرها يجب أن يكون الثمن في عقد البيع نقديا، يلتزم المشتري بدفعه للبائع مقابل التزام هذا الأخير بنقل ملكية العقار المبيع للمشتري.
و الإتفاق على الثمن يقتضي تعيين هذا الثمن، أو بيان الأسس التي تؤدي إلى تقديره، و هذا ما نصت عليه المادة 356 من القانون المدني الجزائري.
كما يجب أن يكون الثمن حقيقيا أي جديا و هو الذي يكون مقابلا حقيقيا للمبيع، و يعتبر الثمن غير حقيقي إذا كان صوريا أو تافها، فالثمن الصوري هو الثمن الذي لا يطابق حقيقة ما اتفق عليه الطرفان، كأن يكون هبة مستترة في صورة بيع، أما الثمن التافه فهو الذي يكون قليلا إلى درجة انعدام التناسب بينه و بين قيمة المبيع الحقيقية، أما الثمن البخس فهو ثمن حقيقي ينعقد به عقد البيع، و إن كان يخول البائع حق طلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل طبقا لنص المادة 358 من القانون المدني الجزائري، أو طلب فسخ عقد البيع إذا رفض المشتري تكملة الثمن إلى أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع.
المطلب الثالث: السبب 

اختلف الفقهاء في تعريف السبب، و توجد في هذا الصدد نظريتان أساسيتان، النظرية الأولى تعرف بالنظرية التقليدية التي يتزعمها الفقيه دوما Domat ويرى أنصار هذه النظرية أن سبب التزام كل متعاقد في العقود التبادلية كعقد البيع هو التزام المتعاقد الآخر، فسبب التزام البائع بتسليم المبيع هو التزام المشتري بدفع الثمن.
أما النظرية الثانية فهي النظرية الحديثة، و يرى أنصار هذه النظرية أن سبب العقد أمر ذاتي خارج عن العقد، و يختلف باختلاف شخص المتعاقد، و هو الدافع إلى التعاقد، كأن يكون الدافع لإبرام عقد البيع رغبة البائع في سداد ما عليه من ديون.
و تنص المادة 97 من القانون المدني الجزائري " إذا التزم المتعاقد لسبب غير مشروع أو لسبب مخالف للنظام العام أو للآداب كان العقد باطلا."
و بناء على هذا النص فإن عقد البيع الذي يكون سببه غير مشروع أو مخالف للنظام العام و الآداب يكون باطلا بطلانا مطلقا، كشراء منزل لاستعماله كمكان للقمار أو الدعارة.
المطلب الرابع: الرسمية

إذا كان عقد البيع بصفة عامة من العقود الرضائية أي العقود التي تنعقد بمجرد تطابق الإيجاب مع القبول دون حاجة إلى أن يفرغ رضا الأطراف في شكل معين، كأن يكتب العقد في ورقة رسمية، إلا أن المشرع الجزائري يشترط الشكلية لانعقاد عقد البيع الوارد على عقار ( )، و هذا ما نصت عليه المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري و التي ورد فيها ما يلي " زيادة عن العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي، يجب تحت طائلة البطلان، تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية ... في شكل رسمي، و يجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد."
و لقد نص المشرع الجزائري على وجوب إبرام عقد البيع العقاري في شكل رسمي بموجب الأمر رقم 70/91 المؤرخ في 15/12/1970 ( ) المتضمن قانون التوثيق في المادة 12 منه و التي جاء فيها ما يلي " زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى الشكل الرسمي، فإن العقود التي تتضمن نقل عقارات أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أو عقود إيجار زراعية أو تجارية....يجب تحت طائلة البطلان أن تحرر هذه العقود في الشكل الرسمي مع دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد"، فهذه المادة أضفت حماية خاصة على كل التصرفات الواردة على العقار، فلا يكفي توافر الرضا و المحل و السبب و أهلية إبرام العقود بل لابد من إتباع شكل معين يتمثل في الرسمية التي هي ركن للانعقاد و لصحة العقد، و ليس الشكل هنا مطلوب لمجرد إثبات التصرف فقط.
كما أن المشرع استعمل في الصيغة الفرنسية للنص كلمة impérativement
التي تدل صراحة على الطابع الإلزامي للرسمية.
و قد تأكدت هذه القاعدة خاصة بعد صدور الأمر رقم 75/74 المؤرخ في 12/11/1975 ( ) المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري، لاسيما المرسوم التطبيقي له رقم 76-63 المؤرخ في 25/03/1976 ( ) والمتعلق بتأسيس السجل العقاري، إذ نص في المادة 61 منه على ما يلي " كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية، يجب أن يقدم على الشكل الرسمي."
و تجسدت هذه الشكلية أيضا بصدور قانون التوجيه العقاري رقم 90/25 المؤرخ في 18/11/ 1990( ) الذي أكد على قاعدة الرسمية من جديد بموجب المادة 29 منه التي نصت على أنه " يثبت الملكية الخاصة للأملاك العقارية و الحقوق العينية عقد رسمي يخضع لقواعد الإشهار العقاري."
فالرسمية تعتبر وسيلة لترقية المعاملات القانونية و ضمانة قوية لاستقراها نظرا لما تنطوي عليه من مزايا كثيرة يمكن حصرها في ما يلي:
-
إن الرسمية تقتضي تدخل الموظف العام، أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة كلّ في حدود اختصاصه، وهذا ما يزيد من القيمة القانونية للمحـرر و حجيته و يجعل البيانات التي تتضمنها المحررات الرسمية قوية و قاطعة.
-
إن الرسمية تضمن إشهارا للمحررات المودعة بالمحافظة العقارية في الآجال القانونية المحددة لها.
-
إسناد عملية تحرير مختلف المحررات الرسمية و الخاضعة للحفظ العقاري إلى موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة يعد بمثابة حماية تامة للأطراف المتعاقدة و الغير، لاسيما مع علمهم بمدى خطورة التصرف المقدمين عليه، وكذا الأحكام التشريعية و التنظيمية التي تحكمه.( )
-
قاعدة الرسمية تلزم بعض محرري العقود استلام أصول جميع العقود و الوثائق من أجل الإيداع والاحتفاظ في نفس الوقت بنسخ أصلية مثلما يمليه قانون التوثيق في هذا الشأن على سبيل المثال.
-
قاعدة الرسمية تمكن الدولة من بسط مراقبتها على السوق العقاري قصد التقليل من المضاربة و تمكين الخزينة من تحصيل مداخيل مالية من رسوم التسجيل.

-
كما أن قاعدة الرسمية تضع بين يدي البائع و المشتري سندا قابلا للتنفيذ و لإجراء الشهر دون الحاجة إلى الحكم بتنفيذه.
أما بالنسبة لموقف القضاء الجزائري في هذا الصدد، لقد عرف الاجتهاد القضائي في الجزائر مواقف متباينة في تفسير النصوص و تطبيقها كلما تعلق الأمر بمعاملات عقارية أبرمت بواسطة عقود عرفية، فرغم صراحة النصوص القانونية إلا أن المحكمة العليا في الكثير من الأحيان لم تسايرها بل تجاهلتها و أكدت صحة العقود العرفية، فانقسم القضاء بين فريق يرى ضرورة احترام نص المادة 12 من قانون التوثيق والمادة 324 مكر ر 1 من القانون المدني الجزائري، وبين فريق من القضاة اعتبروا العقود الرسمية وسيلة للتعبير عن الإرادة و هو ما دعى إلى ضرورة انعقاد الغرف المجتمعة للمحكمة العليا طبقا لمقتضيات القانون رقم 89/22 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا و تنظيمها و تسييرها قصد اتخاذ موقف توحد به الاجتهاد القضائي. فأمام تضارب الاجتهادات القضائية فيما يخص صحة العقود العرفية، أصدرت المحكمة العليا بهيئة الغرف المجتمعة قرار رقم 136156 المؤرخ في 18/02/1997 في قضية بن عودة أحمد ضد عريس حميد يؤكد على ضرورة احترام نص المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري، و التي تشترط الرسمية لصحة عقد البيع الوارد على عقار، بل أكثر من ذلك يتعين إعادة الأطراف إلى الحالة كانوا عليها قبل إبرام العقد العرفي( )، حيث ورد في القرار ما يلي " من المقرر قانونا أن كل بيع اختياري أو وعد بالبيع، و بصفة أعم كل تنازل عن محل تجاري و لو كان معلقا على شرط أو صادرا بموجب عقد من نوع آخر يجب إثباته بعقد رسمي و إلا كان باطلا.
من المقرر أيضا زيادة على العقود التي يأمر القانون بإخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية أو محلات تجارية أو صناعية أو كل عنصر من عناصرها يجب أن يحرر على الشكل الرسمي.
و من المقرر أيضا أن يعاد المتعاقدين إلى الحالة كانا عليها قبل إبرام العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله."

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019