-->
علوم قانونية وادارية علوم قانونية وادارية

اخر المواضيع

جاري التحميل ...

عقد البيع و علاقته مع العقود الاخرى

عقد البيع و علاقته مع العقود الاخرى

مقدمـــــــــة :

لقد بدأت المعاملات عند الجماعات البشرية الأولى في صورة مقايضة فكانت الوسيلة الوحيدة لتبادل الأموال و المقايضة هي مبادلة سلعة بسلعة أخرى و على مر السنين ظهرت عيوب المقايضة عندما تعددت الروابط الاجتماعية و ازدادت مطالب الناس و اختلفت رغباتهم و أصبحت المقايضة عقبة أمام تقدم التجارة. ولو تعد أساسا للتبادل بعدما توصل العقل البشري إلى اتخاذ بعض الأشياء التي يحتاج إليها معظم الناس كقاعدة للتبادل باعتبارها سلعة تنسب إليها قيم باقي السلع. و بذلك نشأت فكرة البيع و أصبحت المعادن الثمينة ’ ثم النقد بعد ذلك هي السلعة الوسيطة في التعامل.
و البيع هو ان يتحصل المشتري على الشئ المبيع في مقابل الثمن الذي يدفعه للبائع غير ان المشتري لا يتمكن من المبيع و حيازته حيازة تامة و سليمة إلا إذا قام البائع بعمل من شأنه تمليك هذا المبيع للمشتري و امتناعه عن كل عمل يجعل الحق عسيرا أو مستحيلا.
و بمقتضى العقد يكون البائع ملزما بتسليم المبيع و ضمان عدم التعرض و الاستحقاق و كذلك تسليم الشئ المبيع للمشتري.
و العقد هو أهم المصادر المنشئة للالتزام إذ انه وحده ينشئ الأغلبية الكبيرة من الالتزامات
و هنا نطرح الإشكال ما ماهية عقد البيع وماهي علاقته مع باقي العقود الاخرى؟

خطــة البحـث
مقدمــــــــة
المطلب الأول: ماهية عقــــــــد البيع

الفرع الأول: العقود المسماة و غير المسماة
الفرع الثاني: تعـــريف عـــقد البيــع
الفرع الثالث: خــصائـص عـقد البيـــع
المطلب الثاني: علاقة عقد البيع بباقي العقود الأخرى
الفرع الأول: عقد البيع مع عقد الهبة’ الايجار و المقايضة
الفرع الثاني: عقد البيع مع عقد الوديعة ’القسمة و القرض
الفرع الثالث: عقد البيع مع عقد المبادلة’الوفاء بمقابل ’الوصية’ و الرهن
الملاحـــــق
خاتـــــــــمة
المطلب الاول: ماهية عقد البيع
الفرع الاول:العقود المسماة و غير مسماة :

تناول المشرع الجزائري عقد البيع في الفصل الأول الباب السابع من القانون المدني الجزائري المتعلق بالعقود الناقلة للملكية و هي كالتالي :
عقد البيع –عقد المقايضة – عقد الشركة – القرض الاستهلاكي (1) – ولم يرد ضمن هذا التعداد عقد الهبة بالرغم من أنه من العقود الناقلة للملكية كما فعل المشرع المصري (2) بل ورد ضمن أحام قانون الأسرة الجزائري من المادة 202 إلى غاية 212 منه .
ولما نظم المشروع هذه العقود على النحو السابق فإن الفقهاء يسمنها بالعقود المسماة (3) أي العقود التي العقود التي وضع لها المشرع تنظيما خاصا بها ووضع لها اسما خاصا بها (4) .
و العقود المسماة لا تنحصر فيما ورد ذكره سابقا بل يضاف إليها العقود التي وردت ضمن الباب الثامن التاسع و العاشر و الحادي عشر من القانون المدني الجزائري
ويقابل اصطلاحا العقود المسماة العقود غير المسماة و هي العقود التي لم يضع لها المشروع تنظيما خاصا بها ولم يخصها باسم معين ، ويرجع سبب تنظيم بعض العقود دون الأخرى من قبل المشروع إلى شيوع العقود المسماة بين الناس كعقد البيع و أهميته بالنسبة لهم في معاملاتهم القانونية وعدم شيوع العقود غير مسماة بينهم (5) .
ـــــــــــــــــــــ
(1) انظر المادة 351 إلى 366 من القانون المدني الجزائري 2) انظر المادة 486 إلى 504 من القانون المدني المصري
(2) د- عبد الرزاق السنهوري الوسيط الجزء الرابع فقرة 1ص1 وما بعدها – أنور سلطان العقود المسماة شرح عقدي البيع و المقايضة 1980 فقرة 1ص5 وما بعدها .
(3) شرح القانون المدني الجزائري للمؤلف خليل أحمد حسن قدادة الجزء الأول مصادرة الالتزام فقرة 11
(4) السنهوري الوسيط الجزء الرابع السابق فقرة 2ص


و العقود غير المسماة تنعقد بالطريقة تتم فيها انعقاد العقود المسماة، أي بالتراضي ما عادا العقود الشكلية التي يعتبر الشكل ركنا أساسيا في انعقادها، كعقد الرهن الرسمي وبيع العاقرات في القانون المدني الجزائري.
والعقد المسمى و العقد غير المسمى قد يكون كل منهما عقدا بسيطا كالبيع و الإيجار و قد يكون عقدا غير بسيط عندما تمتزج عناصر أحد العقود بعقود أخرى ، حينئذ يسمى هذا العقد بالعقد الذي يبرمه أحد الأشخاص مع أحد الفنادق للمبيت في الفندق فهذا العقد يشمل عدة عقود تمتزج بعضها مع بعض ، أولها : عقد إيجار بالنسبة للغرفة التي يستعملها النزيل للمبيت فيها ثانيا : عقد عمل بالنسبة للخدم إذا وجدوا في الفندق ، ثالثها عقد بيع بالنسبة للطعام الذي يقدمه الفندق للنزلاء ، عقد وديعة بالنسبة للأمتعة وهكذا (1) .
و العقد المختلط تطبق عليه أحكام العقود التي امتزجت فيه دون ترجيح عقد على آخر إلا في حالة التناقض في أحكامها حينئذ يرجح القاضي أحد هذه باعتباره العقد الرئيسي وتطبيق أحكام هذا العقد دون سواه. (2) و العقود المسماة التي نظمها المشرع الجزائري في القانون المدني الجزائري خمس مجموعات و هي :
1- العقود التي تقع على الملكية: و هي البيع و المقايضة و الشركة و القرض و الصلح و قد وردت في المواد 351 إلى 466 مدني جزائري و قد أضاف إليها المشرع المصري عقد الهبة.
2- العقود المتعلقة بالانتفاع بالشيء: و هي الإيجار و العارية و قد وردت في المواد من 467 إلى 584 مدني جزائري
3- العقود الواردة على العمل: وهي المقاولة و الوكالة و الوديعة و الحراسة و قد وردت في المواد 549إلى 611 مدني جزائري و لم يتناول المشرع عقد العمل في المجموعة المدنية.
-------------
(1) وكذلك العقد بين صاحب المسرح و الجمهور فهو يشمل عقد إيجار بالنسبة للمقاعد وعقد عمل بالنسبة للرواية التي تعرض على جمهور .
(2) أنظر عقد البيع في القانون المدني الجزائري ( الدكتور محمد حسين ) الطبعة الثانية .

4 - عقد الغرر أي العقود الاحتمالية :
وهي المقامرة و الرهان ويقتصر تنظيم المشرع لهما على النص على بطلانهما كقاعدة عامة، إذ نصت المادة 612 مدني جزائري على أنه " يحظر القمار و الرهان، غير أن الأحكام الواردة في الفقرة السابقة لا تطبق على الرهان الخاص بالمسابقة و الرهان الرياضي الجزائري ".
وعقود الغرر الأخرى هي المرتب مدى الحياة، وعقد التأمين .وقد نظمها المشرع في المواد من 613 إلى 643 مدني جزائري و القانون رقم 80-7 المؤرخ في 09/08/1980 الذي يتعلق بعقود التأمين
5- عقود التأمينات الشخصية و العينية : وتشمل الكفالة وهي من عقود التأمينات الشخصية و قد أفرد لها المشرع بابا خاصا من المواد 644 إلى 673 ، كما تشمل عقود التأمينات ، الرهن الرسمي ورهن الحيازة وقد نص المشرع على أحكامها في الكتاب الخاص بالحقوق العينية التبعية في المواد من 882 إلى 936 ومن 951 إلى 981 مدني جزائري .
الفرع الثانــــــــي:تـــــعريف عقد البيـــــع :

1- عقد البيع في عهد نابليون :
في عهد نابليون نبذت الفكرة الرومانية التي سادت حتى القرن الثامن عشر من أن عقد البيع لا ينقل الملكية , وإن قال بعض الفقهاء في بادئ الأمر بعكس ذلك , نظرا لخلو المادة 1582 التي تضمنت تعريف عقد البيع من النص على إلزام البائع بنقل الملكية إذ جاء فيها أن : (( ...البيع اتفاق يلتزم به أحد المتعاقدين تسليم شيء والآخر دفع ثمنه )) .
ولكن ما ورد في بعض النصوص القانونية الأخرى لا يدع مجالا للشك في أن نية المشرع قد انصرفت إلى ترتيب نقل الملكية على انعقاد البيع , إذ نص المشرع في المادة 1583 على انتقال الملكية بمجرد الاتفاق على المبيع والثمن , وقرر في المادة 1599 بطلان بيع ملك الغير .
2- عقد البيع في الشريعة الإسلامية :
حكم البيع في الشريعة الإسلامية هو التمليك والتملك , تمليك المبيع وهو المقصود من عقد البيع , وامتلاك الثمن وهو الوسيلة إليه .
وقد عرف فقهاء الشرع الإسلامي البيع بأنه مبادلة مال بمال (1) ولم يفرق الفقهاء بين البيع والمقايضة بل اعتبروا العقدين بيعا , ذلك أن البيع إما أن يكون ثمنا ويسمى صرفا , أو عينا بعين ويسمى مقايضة , أو عينا بثمن ويسمى بيعا مطلقا .
ولما كان حكم البيع في الشريعة الإسلامية هو التمليك والتملك , اشترط رجال الفقه لنفاذ البيع أن يكون البائع مالكا للمبيع , وأوقفوا بيع ملك الغير على إجازة المالك ( المادة 296 مرشد الحيران ) .
بل لقد ذهب البعض من فقهاء الشرع الإسلامي إلى أن بيع ما ليس مملوكا للبائع لا ينعقد (2) وخير دليل على ذلك قوله تعالى : (( وأحل الله البيع وحرّم الربا )) .صدق الله العظيم .
-------------
(1):معنى البيع في اللغة الشيء المبادلة سواء أكانت مالية أم غير مالية بدليل قوله تعالى : (( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى )) .
والبيع من الألفاظ التي تطلق على ضده بدليل قوله تعالى: (( وشروه بثمن بخس )) .أي باعوه .
(2):الفتاوى الهندية الجزء الثالث , ص 02 .

3- عقد البيع في القانون المصري واللبناني :
يعتبر البيع في القانونين المصري واللبناني عقدا ناقلا للملكية فقد نصت المادة 418 من التقنين المدني على أن البيع عقد يلتزم بع البائع بأن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي , كما قررت المادة 372 من قانون الموجبات والعقود أن : (( البيع عقد يلتزم فيه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء , ويلتزم فيه الشاري أن يدفع ثمنه )) .
وتعريف القانون المدني المصري لعقد البيع يمتاز على تعريف قانون الموجبات له , بأنه لا يقتصر موضوع البيع على نقل ملكية شيء كما فعل القانون الأخير , بل يبين أن البيع كما يرد على ملكية شيء قد يرد على حق من الحقوق المتفرعة عن الملكية كحق الارتفاق أو حق الانتفاع أو حق شخصي كما في حوالة الحق إذا تمت في مقابل مبلغ من النقود .(1)
4- عقد البيع في القانون المدني الجزائري :
لقد كان البيع في الجزائر منذ العهد العثماني يتم بدون تحرير عقد أي ليست هناك عقود في الجزائر حيث كان المتعاملين يلجئون إلى الكتاب الشرعيين , وبعد دخول فرنسا إلى الجزائر بدأت المعاملات تتخذ الرسمية في البيع , فكانت الشرعية وكان التوثيق في الإدارات الفرنسية لكن جبهة التحرير الوطني منعت التعامل مع الإدارات الفرنسية وبعد الاستقلال ساد النظام الاشتراكي غير المعاملات في قطاع البيع وخصوصا بيع العقار الأراضي الفلاحية وتطبق المعاملات الخاصة بين الأشخاص وتوسيع المصالح الحكومية , فأصبح عقد البيع يأخذ طابع القرار الإداري وبعد إلغاء قانون الثورة الزراعية وسن قانون التوجيه العقاري تم تحرير عقود البيع في جميع المجالات .
ولقد عرفت عقد البيع المادة 351 من القانون المدني الجزائري بقولها : (( البيع عقد يلتزم بمقتضاه البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي )) (2) .
ومن خلال نص المادة يتضح لنا أن عقد البيع يمتاز بخصائص يتميز بها عن باقي العقود الأخرى والتي سندرسها في الفصل الموالي .
-------------
(1):أنظر العقود المسماة شرح عقدي البيع والمقايضة , دراسة مقارن في القانونين المصري واللبناني , د: أنور سلطان .
(2):وقابل هذا النص في القانون المدني المصري الحالي نص المادة 418 والتي تنص : (( البيع عقد يلتزم به البائع أو ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقا ماليا آخر في مقابل ثمن نقدي )) .

الفـــرع الثالــث : خصائص عقد البيع

يستشف من المادة 351 مدني جزائري أن عقد البيع يتميز بعدة خصائص نتناولها في المطالب التالية :
عقد البيع ملزم لجانبين :
يمتاز عقد البيع بأنه عقد ملزم للجانبين أي وجود طرفان بائع ومشتري بحيث يرتب التزامات متقابلة في ذمة البائع والمشتري .
فالبائع يلتزم بنقل ملكية أحد الأشياء أو أحد الحقوق المالية التي يملكها والمشتري يلتزم بدفع الثمن للبائع .(1)
عقد البيع عقد معاوضة :
البيع من عقود المعاوضة لا بد فيه من مقابل وبذلك يختلف عن الهبة ويجب أن يكون هذا المقابل مبلغا من النقود Une somme d’argent ويسمى الثمن Le prix وبذلك فهو يختلف عن المقايضة .
كذلك يجب أن يكون الثمن جديا لا صوريا ولا تافها ولا بخسا (2) .
عقد البيع عقد رضائي :
يعدّ عقد البيع من العقود الرضائية حيث تكفي لانعقاده إرادة البائع مع إرادة المشتري , فالقانون لم يشترط لانعقاده أن تفرغ في شكل معين , وعلى وجه الخصوص بالنسبة للمنقولات , ومن ثم فهو من العقود التي تنعقد بتراضي الطرفين البائع والمشتري .
بينما بالنسبة للعقارات نرى أن المشرع الجزائري اشترط كتابة عقد البيع وتوثيقه وإلا كان باطلا بطلانا مطلقا .
عقد البيع يرد على الأشياء وعلى الحقوق المالية الأخرى :
عقد البيع يرد على الأشياء وبالتالي يصح أن يكون محله حقا من الحقوق العينية الأصلية , كحق انتفاع أو حق ارتفاق , كما يجوز أن يكون محله حقا من الحقوق المالية الشخصية كما في حوالة ( حوالة الحق ) (3) وكذلك يجوز أن يكون محله الحقوق الذهنية ( الملكية الأدبية والفنية والصناعية ) .
-------------
(1):ومن ثم يعتبر عقد البيع بالنسبة للبائع بيعا وبالنسبة للمشتري شراء ولقد كان الرومان يراعون هذا التركيب المزدوج لعقد البيع فيسمونه الشراء والبيع
(2):مازو , دروس في القانون المدني .
(3):أنظر شرح القانون المدني الجزائري , الجزء الثاني , الباب الثالث ( انتقال الالتزام ) الاختلاف , تحليل خليل أحمد حسن قتادة .

عقد البيع ينقل الملكية :
لعل أهم خصائص عقد البيع أنه عقد ينقل الملكية من البائع إلى المشتري مقابل ثمن نقدي , لكن هذه الخاصية لعقد البيع منحصرة في حالة ما يكون محل عقد البيع منقولا لا محددا بالذات .
أما إذا كان محل البيع شيئا معينا بالنوع فقط , فإن دور عقد البيع يقتصر على إنشاء التزام في ذمة البائع بنقل الملكية وبالتالي فان الملكية في هذه الحالة تترتب على عمل مادي هو الإفراز , وكذلك الأمر إذا كان عقد البيع عقارا من العقارات أو أحد الحقوق العينية الأصلية فإن العقد لا ينقل الملكية و إنما يتأخر هذا الأثر إلى أن يتم اتخاذ إجراءات التسجيل والقيد .
المطلـــب الثانـــي : علاقة عقد البيع مع بعض العقود اخرى

يعود وجود التشابه بين عقد البيع والعقود الأخرى إلى الحرية التي تتمتع بها إرادة الأفراد في إنشاء ما يبتغون من عقود طالما كان ذلك ضمن الحدود المرسومة للإرادة من قبل القانون مما يؤدي إلى ظهور عقود تشترك بين البيع وغيره من العقود المعروفة .
ولما كانت القاعدة في العقود الأخذ بما اتجهت إليه نية الأفراد لا بالوصف أو الألفاظ التي استعملوها في التعبير عن إرادتهم .
والعقود التي قد يقع اللبس في معرفتها إن كانت بيعا أم لا , ومتنوعة كعقد الهبة وعقد الإيجار , المقايضة , عقد الوديعة , المبادلة , عقد القسمة , الواكلة , عقد الوفاء بمقابل , عقد العارية وعقد الرهن والوصية.
ولإزالة هذا اللبس والتشابه سنتطرق إليها ضمن المطالب التالية :
الفـــــرع الاول : عقد البيع وعقد الهبة

قد تكفي خصائص عقد البيع لتمييزه عن عقد الهبة , فكون عقد البيع من عقود المعاوضة فإنه يتميز عن عقد الهبة الذي يؤدي هذا الأخير إلى نقل ملكية أحد الأشياء من الواهب إلى الموهوب له بدون مقابل بينما في عقد البيع يتم نقل الملكية مقابل ثمن نقدي يدفعه المشتري للبائع .
ومع ذلك قد يدق التمييز بين عقد البيع وعقد الهبة وعلة وجه الخصوص إذا كانت الهبة قد تمت بمقابل عبارة عن مبلغ من النقود , وقد يزيد الأمر دقة عندما يكون المبلغ المراد تقديمه من الموهوب له إلى الواهب كبيرا لدرجة تقربه من قيمة الشيء الموهوب .
عندئذ يثور التساؤل عن طبيعة العقد الذي نشأ بين الواهب والموهوب له , هل هو عقد هبة أم عقد بيع ؟ .
إن معرفة طبيعة العقد في هذه المسألة يجب أن نبنيها من نية الواهب هل كان يقصد الهبة رغم المقابل النقدي الكبير أم كان يقصد البيع ؟ .
فإذا تبين أن الواهب كان يقصد الهبة رغم المقابل فالعقد هبة مهما بلغ المقابل النقدي , وإذا كان ذلك فالعقد بيع ويجب تطبيق أحكام عقد البيع والكشف عن نية التبرع هي من المسائل الواقعية التي يستقل في تقديرها قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض ( المجلس الأعلى ) .
-------------
(1):أنظر هذا المعني السنهوري الوسيط الجزء الرابع فقرة 11 ص 26 , ومما يرجح وجود نية التبرع أن يكون الغرض في مصلحة شخص ثالث بق ونفس غير الواهب , بل الموهوب له الحقيق هو هذا الشخص الثالث وقد وسط الواهب المتعاقد الآخر بينهما , أنظر السنهوري الوسيط الموضع وهامش رقم 1 ص 02 .
عقد البيع وعقد الإيجار :
يميز عقد البيع عن عقد الإيجار كون عقد البيع من العقود الناقلة للملكية بينما عقد الإيجار ليس من العقود الناقلة للملكية , حيث لا يؤدي إلى نقل ملكية العين المؤجرة إلى المستأجر وإنما إلى تمكين المستأجر من الانتفاع فقط من العين المؤجرة .
غير أن الأمر ليس سهلا في كل الحالات وعلى وجه الخصوص إذا وقع العقد لا على الشيء ذاته وإنما على ثمرات هذا الشيء أو منتجاته وثمرات الشيء هي المحصولات التي تنتج عن الشيء بصفة دورية كالبرتقال ...الخ .
وتتناقص كلما استخدمناها إلى حد النفاذ , كالمعادن المستخرجة من الأرض كالفحم , والبترول , وهنا يدق التمييز بين عقد البيع وعقد الإيجار ولمعرفة ما إذا كنا أمام عقد بيع أو إيجار يجب ترجيح نية المتعاقدين لا بالوصف الذي يصفان به العقد .
والأصل أن العقد يكون بيعا إذا اشترط فيه ملكية كل أو بعض الشيء (1) أي الانتفاع به .
بناءا على هذه القاعدة يمكن تمييز عقد البيع عن عقد الإيجار , فإذا كان موضوع العقد القائم بين المتعاقدين استخراج منتجات الشيء Produits كالمعادن اعتبر العقد بيعا والعلة في ذلك ترجع إلى أن عملية استخراج المعادن تؤدي إلى انتقاص مقدار الشيء واقتطاع جزء من أصله (2) , وإذا تطلب الأمر إلى استعمال المشتري للأرض المستخرج منها المعادن فيكون لدينا عقدين عقد بيع وعقد إيجار .
-------------
(1):أنظر في هذا المعنى أنور سلطان .
(2): أنظر نقض مدني مصري 06 ديسمبر 1951 مجموعة أحكام النقض سنة 25 جزء 01 رقم 128 ص 161 .

عقد البيع والمقايضة :
يميز عقد البيع عن المقايضة في كون عقد البيع فيه نقل الملكية للشيء المبيع بمقابل ثمن نقدي يدفعه المشتري للبائع , بينما في عقد المقايضة يتم فيه نقل الملكية عن طريق مقايضة شيء بشيء .
فإذا تعاقد أحد الأشخاص مع شخص آخر على نقل ملكية أحد العقارات مقابل أحد شيئين يختاره المتعاقد الآخر كأن يكون أحدهما مبلغا من النقود والآخر عقار آخر , فإذا اختار أن يبادل العقار بالعقار كان العقد مقايضة , وإذا اختار أن يبادل العقار بالنقود كان العقد بيعا .
ولكن المسألة قد تدق في التمييز عندما ينقل أحد الأشخاص ملكية داره لآخر مقابل أوراق مالية أو سبائك ذهبية , فهل يعتبر هذا العقد مقايضة أم بيعا ؟ .
إن الرأي يتجه إلى اعتباره عقد مقايضة لأن الأوراق المالية أو السبائك الذهبية رغم معرفة قيمتها نقدا بمجرد عرضها في الأسواق إلا أن العبرة ليست بمعرفة سعر أو قيمة هذه الأشياء بمجرد عرضها في الأسواق وإنما في طبيعتها وقت إبرام العقد وهي ليست بنقود . (1)
الفــــرع الثانــي عقد البيع وعقد الوديعة :

يتميز عقد البيع عن عقد الوديعة في أن عقد البيع عقد ناقل للملكية كما أسلفنا سابقا , بينما عقد الوديعة لا ينقل ملكية الشيء المودع وإنما يلزم المودع أن يتسلم الشيء المودع وأن يحافظ عليه المودع لديه من الضياع أو التلف ..الخ .
وبهذا فإن نص المادة 590 مدني جزائري تنص على : (( الوديعة عقد يسلم بمقتضاه المودع شيئا منقولا إلى المودع لديه على أن يحافظ عليه لمدة وعلى أن يرده عينا )) .
ومع ذلك فقد يدق التمييز بين عقد البيع وعقد الوديعة وعلى وجه الخصوص في حالة ما يودع المؤلف عددا من نسخ مؤلفه لدى مكتبة من المكتبات وذلك لبيعها من قبل صاحب المكتبة أو إذا أودع تاجر مجوهرات بالجملة عند تاجر المجوهرات بالتجزئة بعض المجوهرات ليبيعها , وهنا يثور التساؤل حول طبيعة العقد هل هو وديعة أم عقد بيع ؟ .
في الواقع أن نية المتعاقدين كثيرا ما تبين للقاضي طبيعة العقد الذي قام بين الطرفين - كما ذكرنا سابقا –
إن نية المتعاقدين من الوقائع التي يستقل القاضي في الكشف عنها دون رقابة لمحكمة النقض ( المجلس الأعلى في الجزائر ) .
وإذا تعذر الأمر فإننا نرجع إلى تطبيق أحكام عقد الوديعة وعقد البيع , فإذا تبين للقاضي أن الاتفاق بين المتعاقدين على رد الشيء المودع لصاحبه كنا أمام عقد الوديعة وإذا لم يرد في الاتفاق بما يدل على ذلك كان العقد وديعة .(2)
-------------
(1):أنظر السنهوري الوسيط الجزء الرابع فقرة 11 ص 29 .
(2): أنظر إلى حكم محكمة النقض الفرنسية الذي اعتبر العقد في هذه الحالة عقد بيع وليس وديعة 22 جوان 1960 داللوز 60-1-471 وفي هذا المعنى أنور سلطان فقرة 22 ص 31 ويكفيه بأنه عقد بيع معلق على شرط .

البيع وعقد القسمة :
عقد القسمة هو إنهاء للشيوع بعد الاشتراك في ملكية مشاعة متساوية أو غير متساوية في ملكية كانت قصد التصرف بانفراد , وبذلك تتيح للمتقاسمين في إنهاء استعمال حق الشفعة .
أما البيع فهو نقل للملكية كما نشير له أعلاه .
البيع وعقد القرض :
يقع التشابه بين عقد البيع وعقد القرض في الحالة التي يحتاج فيها أحد الأشخاص مبلغا من المال فيلجأ إلى الاقتراض فيقوم بشراء سلعة من السلع من المقرض بثمن مؤجل , ثم يبيعها إلى صاحب السلعة ( المقرض ) بثمن معجل فيصبح مدينا بالثمن المؤجل , ويتقاضى في نفس الوقت الثمن المعجل ثم ترجع السلعة في النهاية إلى صاحبها كما كانت .
وهذه العملية في الغالب ما تستر ربا محظورة الحصول عليها من المقترض فيلجأ المقترض والمقرض إلى هذه العملية هذا إذا علمنا أن الثمن المؤجل في الغالب ما يكون أكبر من قيمة السلعة المعجل , الذي حصل عليه المقترض من المقرض وبالتالي تكون مقدار الفائدة هو الفرق بين قيمة السلعة المعجل وقيمتها مؤجلة .
وتحليل هذه العملية تؤدي إلى اعتبار المشتري مقترضا بالثمن المعجل على أن يؤديه عند حلول الأجل للثمن المؤجل ولمعرفة ما إذا كانت هذه العملية تعتبر عقد قرض أو بيع لا بد من التعرف على نية المتعاقدين .
وفي الحقيقة أن هذه النية في الغالب ما تنطوي على قرض بربا فاحش , استخدم المتعاقدين طريق الاحتيال على القانون الذي يحرم القرض بفائدة للوصول إلى القرض بربا فاحش عن طريق بيعين متعاقبين , أحدهما بثمن مؤجل والآخر بثمن معجل .
وعلى القاضي الذي تكشفت له حقيقة نية المتعاقدين أن يسقط من حسابه البيعين المعجل والمؤجل وأن يطبق أحكام القرض مع إسقاط الفائدة التي يحضرها القانون المدني وبهذا تقرر المادة 454 : (( بأن القرض بين الأفراد يكون دائما بدون أجر ويقع باطلا كل نص يخالف ذلك )) .
الفــــــــرع الثالث : البيع وعقد المبادلة

إن ما يميز عقد البيع عن عقد المبادلة هو أن المبادلة تصرف ناقل الملكية أو أكثر بين طرفين مالكين , على تبادل الملكية بدون عوض وإن وجدت فهو عقد مبادلة وبيع ( عقد مختلط ) أي وجود معدل فرق يخضع لأحكام البيع فهو مقايضة إن كان بين سلعتين ومبادلة إن كان بين عقارين .
البيع والوفاء بمقابل La dation en paiement :
الوفاء بمقابل أحد الطرق التي تؤدي إلى انقضاء الدين بتقديم مقابل يستعاض به عن الشيء المستحق للدائن هذا إذا قبل الدائن وبهذا تقرر المادة 358 مدني جزائري : (( إذا قبل الدائن في استيفاء حقه مقابلا استعاض به عن الشيء المستحق قام هذا مقام الوفاء )) .
في هذه الحالة وجب تطبيق أحكام عقد البيع وذلك من حيث أن عقد البيع عقد قائم بذاته في حين أن الوفاء بمقابل يفترض أوجود التزام يشغل ذمة ناقل الملكية وهو المدين ومن ثم يرتبط الوفاء بمقابل بصحة التزام المدين ووجوده . (1)
اشتباه عقد البيع بالوصية :
كثيرا ما يقصد المتصرف التهرب من أحكام الوصية فيعطيها صورة البيع , وتعرف حقيقة التصرف من اختصاص قاضي الموضوع الذي يستخلص نية المتعاقدين من شروط العقد .
ومن الظروف التي أحاطت به فإن استظهر أن العقد وإن كان بيعا في ظاهره فإنه في الحقيقة وواقع الأمر وصية واستدل على صدق نظره من أدلة تؤدي إلى ما ذهب إليه , فلا رقابة لمحكمة النقض على قضائه , وللقاضي في صدد تغيير العقد وفقا لنية المتعاقدين ألا يتقيد بالمعنى الغوي للألفاظ الواردة فيه
ومن الأمور التي يستدل بها على نية الايصاء عدم دفع المتصرف إليه ثمنا للمبيع أو تنازل البائع عن الثمن في عقد البيع , أو ثبوت ما بالمشتري من خصاصة تعجزه عن دفع الثمن بالرغم من ضالته بالنسبة لقيمة المبيع , أو حصول التصرف بغير عوض .
وقد يعزز القرينة المستفادة من هذه الأمور عدم تسجيل عقد البيع وبقاء العقد في حيازة المتصرف حتى وفاته.
كذلك تستفاد نية الايصاء من اتفاق العاقدين على عودة ملكية المبيع إلى البائع إذا توفى المشتري قبله ، أو بقاء البائع متمتعا بكافة مظاهر الملكية للأعيان موضع العقد من تأجيرها باسمه ويوصفه مالكها لها ، والتقاضي بشأنها بوصفه مالكا لها أيضا ودفع الديون العقارية المطلوبة عليها (1)
-------------
(1):أنظر في هذا المعنى أنور سلطان فقرة 24 ص 32 , محمد حسنين ص 21 .

عقد والبيع والرهن :
عقد الرهن التأميني لضمان حق الدائن بتخصيص الشيء والمرهون للوفاء بحقه 882 مدني جزائري في الرهن الرسمي والمادة 948 في الرهن الجبائي وتقابلان المادتان 1030 و 1096 من القاننون المصري .
ولا يختلط الرهن بالبيع العادي غير أنه قد يتفق في البيع أن يكون للبائع في خلال مدة معينة استرداد العين المباعة في مقابل رد الثمن الذي دفعه المشتري مضاف إليه المصروفات (مصروفات عقد البيع والمصروفات التي أنفقها المشتري على المبيع أثناء وجوده في حوزته )
ويسمى هذا العقد بيع بوفاء وفيه تنتقل الملكية إلى المشتري معلقة على شرط فاسخ هو استعمال البائع لحقه في الاسترداد ورد الثمن والنفقات خلال المدة المتفق عليها فإذا استعمل البائع حقه في الاسترداد اعتبر البيع كأنه لم يكن وأن المبيع لم يخرج أبدا من ملك البائع ولم يدخل في ملك المشتري إذا لم يستعمل حقه في الاسترداد سقط خياره (1)
-------------
1) أنظر أنور سلطان عقد البيع المرجع السابق ص 286-308
خـــــــاتـمـة

على ضوء دراستي لعقد البيع لماهيته و علاقته مع باقي العقود الاخرى تبين انه قديما كانت المقايضة هي السائدة لكن فيما بعد ظهرت عيوبها بسبب التطور الحضاري في مجال المعاملات و التصرفات لهذا لجأ المتعاملين الى انشاء عقد بين المتعاقدين أي البائع و المشتري في جميع المجالات التجارية . المالية و المدنية...الخ
و قد اكتمل تطور البيع بعدما اصبح يرتب التزامات في ذمة البائع و المشتري
البائع يلتزم بنقل الملكية الى المشتري و المشتري يلتزم بدفع الثمن للبائع
لعل اهم ما يمكن استخلاصه من هذا البحث هو ان عقد البيع من العقود الناقلة للملكية بمقابل و انه لا يتم الا بتوفر اركانه و الشكلية فيه ضرورية بالنسبة لبيع العقارات و يجب تحريره في ورقة رسمية و قانونية عند الموثق و تسجيله و اشهاره في المحافظة العقارية ليكسب طابعه القانوني و يصبح سند ملكية في يد المشتري اذا وقع فيه نزاع ، وان لعقد البيع علاقة بباقي العقود الاخرى بطريقة مباشرة او غير مباشرة .
و خير ما اختم به هذا البحث قول الله سبحانه و تعالى: ""<<وما أوتيتم من العلم الا قليلاّ >>""

شاركنا بتعليقك...

التعليقات



، اشترك معنا ليصلك جديد الموقع اول ً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

احصائيات الموقع

جميع الحقوق محفوظة

علوم قانونية وادارية

2010-2019